أجلت محكمة باب الوادي اليوم، محاكمة منسق الحركة الديمقراطية الاجتماعية، فتحي غراس إلى 12 ديسمبر الجاري، بعدما رفض المعني أن يحاكم عن بعد بتقنية الفيديو
فتحي غراس، إكتشفه الجزائريون لأول مرة عبر حصص تلفزيونية كان يناقش فيها أئمة وشخصيات تعمل في المجال الديني. وكان فتحي يواجههم بثقة كبيرة في المعلومات والأفكار التي اكتسبها من ثقافته الواسعة ومطالعاته المتنوعة، ويقول لخصومه في البلاطوهات أن "الدين ليس حكرا عليكم، لا تستطيعون حرماني من الاطلاع على أمور الدين"... ا
وإستطاع خريج مدرسة الفلاحة أن يقنع المشاهدين سواء ممن يبادلونه القناعات الايديولوجية أو المخالفين له، وشق بذلك لنفسه طريقا في عالم السياسة والفكر والثقافة. لكن شهرته وقدرته على الاقناع أضحت تجلب له الخصومات داخل صفه السياسي قبل خصومه، ثم جلبت له متاعب كثيرة مع السلطة منذ بداية الحراك الشعبي الذي أعطى لشخصية فتحي غراس السياسية بعدا يتجاوز نطاق حزبه الأمدياس
تقدم للانتخابات الرئاسية لأفريل 2019 قبل أن يتراجع عن إيداع ملف ترشحه وتفضيله الخروج للشارع مباشرة بعد إنطلاق المسيرات الأسبوعية ذات جمعة 22 فيفري 2019. ولم يتوقف بعدها عن تبني خطاب قطيعة مع النظام القائم، داعيا إلى مرحلة إنتقالية من أجل الانتقال الديمقراطي إلى جانب عدة أحزاب ومنظمات وشخصيات أخرى تؤمن بالمشروع الديمقراطي وضرورة فصل الدين عن السياسة
هذه الأحزاب والشخصيات تكتلت إلى جانب حزب فتحي غراس، الحركة الديمقراطية الاجتماعية (أمدياس) في إطار تنظيم أطلقوا عليه إسم "إئتلاف القوى من أجل البديل الديمقراطي". وهو التكتل الذي وضعته السلطة في خانة الخصوم الذين سعت لتحييدهم منذ إستقالة بوتفليقة وإلغاء العهدة الخامسة
فقررت السلطة في إطار إستراتيجية تحييد الخصوم هذه حرمان تكتل ال"باد" من الحصول على القاعات لعقد ندواتها، موازاة مع متابعات قضائية ضد منشطيها وضد التنظيمات المنتمية إليها. فبينما حكمت المحكمة الادارية بحل جمعية "راج" النشطة في الساحة الجمعوية الوطنية منذ تسعينيات القرن الماضي، يواجه الحزب الاشتراكي للعمال والاتحاد من التغيير والرقي نفس المصير أمام مجلس الدولة. وكذلك الشأن بالنسبة للأرسيدي الذي شهد إعتقال العديد من مناضليه وقيادييه
أما فتحي غراس فإلتحق بسجن الحراش مباشرة بعد خروج رفيقه في الأمدياس، وحيد بن حالة منه. وهو الآن متابع بتهم "إهانة شخص رئيس الجمهورية وإهانة هيئة نظامية وعرض أمام الجمهور منشورات من شأنها المساس بالمصلحة الوطنية"... وهي كلها تهم ذات صلة بتصريحاته الراديكالية إتجاه السلطة. تصريحات قال عنها المحامون "أدلى بها بصفته منسقا لحزب سياسي وليس بصفته الشخصية" ما يضعه في خانة السجناء السياسيين بإمتياز