"بلقاسم حبة... "عندما ينجرُّ الطالب البسيط خلف شغفه و طموحاته، ليندرج ضمن قوائم العلماء و المخترعين.
بلغ تعداد الطلبة الجامعيين في الجزائر الذين باشروا موسمهم الدراسي للسنة الفارطة ما يقارب المليون و230 ألف طالب وطالبة، ولو سألنا كل واحد منهم عن السبب الرئيسي الذي يدفعه لمزاولة دراسته الجامعية، لتباينت الأجوبة. فهناك من يطمح للظفر پأعلى المراكز، و هناك من يهدف للعمل. لكن فئة كبيرةً منهم تسعى لمستقبل مجهول، تسير بخطى غير ثابتة صوب هدف واحد، نحو نيل الشهادة الجامعية و حسب، محدودة في مجال تخصصٍ واحد، مرجعها الوحيد الدروس و المناهج المقدمة داخل الحرم الجامعي، غير أن هاته الأخيرة تشكل نسبة 20% من مجموع التكوين المعرفي لأي شخص، أما 80% الأخرى فتكون عبارة عن دراسة ذاتية و مجهود فردي، عن اجتهاد نفسي و بحث أحادي. لكن، و للأسف، الكثير من الشباب يجد صعوبة في توظيف أفكاره، أو بالأحرى يجهل أن له كنز دفين بين ثنايا روحه، تجده يتبع السبل المنهجية فقط، و يتجاهل قدرته المعرفية الخاصة، التي بوسعه تفجيرها للعالم الخارجي، يجلس أسير مخاوفه المستقبلية، و يجعل أحلامه تحوم حول ذاك العمل البسيط الذي ينجر خلف تلك الشهادة الجامعية.
كطالب بسيط، كأي إنسان يعيش في دولة ديمقراطية، كشخص ذي إمكانيات عادية، أترى أنه من المستحيل أن تكون عالِما ذا أهمية ؟ أن يذيع صوتك و يذكر إسمك في مختلف المحافل الدولية ؟ أن يصقل ذكاؤك و ينتج عنه إبداعات لامنتهية ؟ لا، حتما لا، فهذا أقل ما يقال عنه أنه بديهي، فكل فرد يحمل بداخله طاقة يمكنها أن تحوله لنابغة، على حسب مجال ميولاته، كل واحد بوسعه أن يبلغ ذروة العلم و المعرفة إن استطاع أن يُوظِّف إمكانياته على النحو الصحيح، لكن أول شيء يجدر به فعله هو الإيمان، أن يؤمن بنفسه و قدراته. و أكبر مثال حي هو البروفيسور "بلقاسم حبة" العالم الجزائري الكبير المعروف في الوسائط العلمية بالعربي الأكثر اختراعا في العالم بأسره. فمن هو هذا النابغة ؟ و كيف استطاع بلوغ المنصب الذي آل إليه اليوم ؟
ولد " بلقاسم حبة" سنة 1957 بالمغيّر ولاية وادي سوف في الجنوب الجزائري، زاول دراسته الابتدائية و المتوسطة بمسقط رأسه ثم انتقل إلى ثانوية الأمير عبد القادر بتقرت، أين تحصل على شهادة البكالوريا عام 1974. التحق بجامعة هواري بومدين للعلوم و التكنولوجيا بالعاصمة، ليتخصص في مجال الفيزياء، و يتحصل على شهادة في الدراسات المعمقة سنة 1980.
كان "بلقاسم حبة" ذا مستوى متوسط خلال سنوات دراسته الجامعية، ولم يكن من المتفوقين، ولا ضمن قوائم الأوائل، لكنه وثق بنفسه و قدراته، و كافح من أجل بلوغ مبتغاه، لم يختلق الأعذار و المبررات ليجعلها سببا لركوده، لم يتوقف عن الطموح، رغم أنه ينحدر من منطقية متنحية، بل خطّ أهدافه و عزم على بلوغها. حصل على منحة إلى جامعة ستانفورد في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، تخرج منها بشهادة الماجستير في الفيزياء التطبيقية و أخرى في علوم المواد، ليتحصل على شهادة الدكتوراه في الطاقة الشمسية سنة 1988. بعد سنتين، سجل أول براعة اختراع له، ليبلغ اليوم ما يعادل 1296 براعة اختراع، ليصنف بذلك ضمن المائة مخترع الأكثر انتاجا في العالم ،و يصبح أحد عباقرة البرمجيات وعالم الإلكترونيات الدقيقة.
عمل مع أكبر الشركات العالمية مثل Google، NEC، IBM و Tessera و حصل على عدة جوائز أبرزها:
- أفضل مخترع في شركة NEC اليابانية سنة 1992.
- جائزة R&D 100 Award for the fold-over technology سنة 2003.
- أفضل مخترع من شركة Tessera الأمريكية و ذلك لسنوات: 2004، 2005، 2006، 2007.
- جائزة الباحث العربي المُنظمة من طرف TechWadi الأمريكية سنة 2007.
- جائزة Frost & Sullivan Award سنة 2013.
- قُلّد وسام العالم الجزائري من طرف مؤسسة فيكوس سنة 2015.
- كما كان له شرف تصميم أصغر نسخة للمصحف الشريف.
يعمل البروفيسور "بلقاسم حبة" في خدمة مجتمعي العلم والأعمال العربي بشكل مستمر من خلال تقديمه المحاضرات والتوجيه
المتخصص للشركات الناشئة داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية. و هو الآن متواجد بالجزائر منذ أيام، وقد جاب العديد من الجامعات الجزائرية، حيث قدم عدة مداخلات، خاصة في الجنوب الجزائري ( ورڨلة، بسكرة، تقرت..) و ألقى محاضرات تحت عنوان " الثورة الصناعية الرابعة" و "بالعلم تبنى الأوطان" ، التي يروي من خلالها تجربته الشخصية في خوض غمار العزيمة لبلوغ القمم، كيف استطاع الوصول للنجاح و التألق، كيف صنع من الأزمة همة، و من المحنة منحة، أنه بإمكان أي شخص متوسط الذكاء أن يصل لأبعد الحدود، فليس هناك شخص ذا قوى خارقة، بل جميعها نملك تلك القوة، أولا وهي العزيمة و الإيمان بالذات. و كانت إحدى أهم وصاياه " تعلَّم، و تعلَّم، و تعلَّم ..."
بوشنافة كنزة
(Partenariat "LIBERTÉ-Digital"/"Charrette-club")