روبرتاج

كيف إجتمعت مجموعة ال22 عند إلياس دريش في المدنية (فيديو)

  • Placeholder

(Digital)ليبرتي Publié 03 Avril 2022 à 15:06

المدنية أو حي الاخوة مدني، "صالمبيي" سابقا، واحد من أحياء العاصمة التي احتضنت مبكرا الحركة الوطنية. مازال كل الأزقة هنا تحتفظ ببصمات الشهداء دبيح شريف و ديدوش مراد والاخوة مدني وفيرنون إيفتون... أو المجاهد إلياس دريش الذي يستريح في مقبرة الحي على مسافة أمتار من مسكنه، مقر إجتماع ال22 التاريخي.

إنه المسكن رقم 11 في شارع الاخوة مدني من الجهة العلوية للحي الذي أصبح يحمل إسم إلياس دريش، أو الشارع ثلاثة "rue3" من الجهة السفلى. مازالت عائلة الاخوة محمد وبراهم دريش مقيمتان في مسكن والديهم، أو جديهم كما يوضحه لنا عبد اللطيف ومحمد وباقي أبناء الأعمام الذين إلتقيناهم أثناء زيارتنا هذا المعلم الرمز بالنسبة لتاريخ الثورة التحريرية. "بابا كان يسكن عند باباه"  يقول محمد، بمعنى أن إلياس دريش إستقبل مجموعة ال22 في مسكن والده.

عبد اللطيف هو عميد عائلة دريش حاليا، إبن براهم، أحد مؤسسي عميد الأندية الجزائرية، مولودية العاصمة.  ويستريح براهم دريش الآن في مقبرة المدنية في نفس قبر والده وأمه وبجانب الكثير من أفراد العائلة. إنهم من أبناء العاصمة أبا عن جد، إستقروا في المدنية في جانفي من عام 1954، إنتقلوا إليها من حي المرادية القريب وقبلها من القصبة. أسرة محمد دريش كثيرة العدد، ولم يكن يحلم ببناء مسكنا عصريا، لولا ابنه إلياس العامل في شركة الغاز والكهرباء للجزائر، الشركة التي ورثتها سونلغاز بعد الاستقلال. حصل الياس على قرض من الشركة المستخدمة سمح له بمساعدة والده على تشييد ذلك المسكن الذي كان بمثابة شرارة لاندلاع الثورة التحريرية.

يقول عبد اللطيف أن إلياس كان بمثابة شقيقي الأكبر. إكتشفت شاطئ البحر بفضله، حيث كان يصطحبني معه لشاطئ بوات بيسكاد (راس حميدو حاليا)" ويتذكر عبد اللطيف أن إجتماع ال22 تزامن مع تدشين العائلة لمسكنها الجديد ومن عادة العاصميين والأهالي آنذاك أن من يسكن بيتا جديدا يقيم وليمة يدعو إليها كل أفراد العائلة، حيثما وجدوا عبر الوطن. وهكذا يقول عبد اللطيف "فكر ديدوش مراد في بيت المناضل إلياس دريش كأحسن مكان لعقد إجتماع ال22" لأن البيت حديث الانجاز والعائلة غير معروفة في الحي، والاجتماع أخذ شكل وليمة عند الجيران وحتى عند السلطات الاستعمارية.

ويذكر عبد اللطيف مرارا أن إبن عمه كان يعرف ديدوش مراد فقط من بين أعضاء مجموعة ال22، وهذا الأخير "يعرف والدي وجدي وكل عائلة دريش ويثق فيها كثيرا" يضيف محدثنا. ويلح من جهة أخرى على دور دبيح شريف في تحضير الاجتماع، كونه إبن حي "صالمبيي" ومعرفته بإلياس دريش قديمة تعود لأيام الكشافة الاسلامية. هكذا إذن تحدد موعد ومكان عقد الاجتماع الذي أفضى إلى تحديد مصير الشعب الجزائري لاحقا. إجتماع دام يوما واحدا، لكن ترتيباته دامت أسابيع كاملة وكل مناضلي حي المدنية شاركوا فيه من بعيد أو من قريب.

"الترتيبات الأمنية إمتدت لكل الحي" يقول عبد اللطيف الذي كان عمره 12 عاما ونصف، مضيفا "دخلوا من الباب العلوي وتعرفت على ديدوش مراد الذي أتذكره من أيام لارودوت (المرادية) حيث كنا نشتري الخبز من مخبزة والده" . كل الاحتياطات إذن كانت جاهزة في حالة تسجيل أي حركة غير عادية، زيادة على الامكانات المادية التي يستدعيها إستقبال المجتمعين. فبعضهم قضى عشرة أيام في بيت إلياس دريش الذي تكفل بمبيتهم وأكلهم وشربهم. من كان يوفر المصاريف؟ يجيب عبد اللطيف "طلباتهم بسيطة، قهوة وبعض الطعام الموجود.. قضوا عشرة أيام في هذه الغرفة، يقدم لهم إلياس الأكل ثم يغلق الباب. لم يخرجوا منها إلا مرة واحدة، إثنان منهم خرجوا من الباب العلوي واثنان آخران خرجوا من الباب السلفي"...

الباب العلوي هو مدخل ومخرج منزل براهم والباب السلفي لمنزل إلياس، لا جدار ولا حدود تفصل المنزلين. بل هناك ساحة تتوسطهما وسلالم تسمح لكل أفراد الاسرة بالتنقل بحرية داخل ما يشكل "حارة أسرة دريش". زرنا المسكن في يوم مشمس سمح لنا بتصوير مختلف زواياه. المنزلان حافظا على نفس هندستهما الأصلية، مع تشييد طابق إضافي في كليهما، إستجابة لحاجة أبناء براهم وإلياس للسكن. ويوضح محمد (إبن إلياس) هنا أن السلطات العمومية طالبتهم بالحفاظ على هندسة مسكنهم كما هي كونه مصنف كتراث وطني. لكن لماذا لا تبادر السلطات بإعادة إسكان عائلة دريش حتى تحفظ هذه "الحارة" وتتحول إلى متحف يمكن لأي جزائري زيارته؟ محمد يجيب "هذه دار بابا سيدي (يقصد جده) وبابا كان ساكن عند باباه. الدار تحمل مكتوبة بإسم إلياس دريش لأنها بنيت بقرض حصل عليه والدي من شركة "أوجيا" التي كان يشتغل فيها. لكن والدي كان أعزبا في ذلك الوقت والدار تبقى دار العائلة كلها وأعمامي لا يسقيمون معنا الآن، لكنهم شركاء فيها وينبغي تعويضهم جميعا إن تم تأميمها".

في إنتظار إستجابة السلطات العمومية لشروط العائلة، تبقى هذه الأخيرة تستقبل بإنتظام زوار يأتون من كل والولايات وحتى من الخارج، مثل شيخ الاخوان المسلمين الذي أحضره مكتب حركة مجتمع السلم للمدنية، لزيارة مقر إجتماع ال22، وتحتفظ عائلة دريش بصورته في الصالون الذي جعلته متحفا تستقبل فيه زوارها ويأوي صور والدهم والشهادات التي منحت له من قبل السلطات والرؤساء المتعاقبين على الجزائر المستقلة.

"حارة" دريش حافظت إذن على شكلها القديم، وحتى بلاطها وأبوابها وبعض اثاثها لم يتغير. وكذلك حافظ أفراد الاسرة على تقاليد أوليائهم، وحين طلبنا زيارتهم أصر الابن الأصغر في العائلة على أن يكون الموعد مناسب ليحضر الابن الأكبر، عبد اللطيف، المقيم حاليا في جسر قسنطينة. ولم يبحث إلياس دريش عن مسكن أوسع أو "فيلا كولونيالية" رغم ترؤسه بلدية المدنية لثلاث عهدات متتالية. كما شغل منصب محافظ شرطة في بداية الاستقلال وظل وفيا لحزبه "الأفالان" إلى آخر نفس من عمره... "لم يكن يتحدث عن نفسه أبدا" تقول فاطمة الزهراء التي تزوجها إلياس بعد الاستقلال، والتي حاولنا أن نعرف منها بعض التفاصيل التي تكون قد سمعتها من زوجها عن إجتماع ال22، دون جدوى. 

أما عبد اللطيف فيروي كيف أصبح "شقيقه الأكبر" مطاردا من قبل السلطات الاستعمارية "الجنود دخلوا من الباب العلوي و"بابا سيدي" (الجد) دخل في جدال معهم بصوت عال بينما عمتي منحتني قارورة لإيهام الجنود أنها تطلب مني شراء الحليب. لكنها طلبت مني أن أعود من الباب السفلي لأخبر إلياس أن الجنود في البيت يبحثون عنه". عبد اللطيف فعل ما طلبته منه عمته ورافق إلياس دريش أبعد مكان عن البيت، وحينها يقول "طلب مني أن أخبر العائلة أنه لن يعود ولا داعي لانتظاره".

وهكذا إنقطعت أخبار إلياس دريش عن عائلته، وكان ذلك في حدود سنة 1956، إلى أن نشرت صحيفة "ألجي ريبيبليكان" خبر توقيفه في نواحي عين الدفلى، وظل مسجونا إلى أن جاء الاستقلال.   

    

  • Editorial Un air de "LIBERTÉ" s’en va

    Aujourd’hui, vous avez entre les mains le numéro 9050 de votre quotidien Liberté. C’est, malheureusement, le dernier. Après trente ans, Liberté disparaît du paysage médiatique algérien. Des milliers de foyers en seront privés, ainsi que les institutions dont les responsables avouent commencer la lecture par notre titre pour une simple raison ; c’est qu’il est différent des autres.

    • Placeholder

    Abrous OUTOUDERT Publié 14 Avril 2022 à 12:00

  • Chroniques DROIT DE REGARD Trajectoire d’un chroniqueur en… Liberté

    Pour cette édition de clôture, il m’a été demandé de revenir sur ma carrière de chroniqueur dans ce quotidien.

    • Placeholder

    Mustapha HAMMOUCHE Publié 14 Avril 2022 à 12:00